Header Ads

في أفق إصلاح المنظومة التربوية

mohssine-elakramine-253x205
أولويات البحث العلمي تستوجب تحديد منطلق الباحث عن المعلومة المراد تسخيرها لاستيفاء التقصي والتحري التام حول موضوع أفول نجم التعلم والتعليم بالمغرب…فإطلاق أحكام قيمة جاهزة بسند غسل اليدين (على التعليم) قبل بدء الوضوء له الأمر الوصفي الذي يهتم بتجميع نواقض المنظومة ويصطادها بدون تفكيك لعناصرها الداخلية والخارجية ، ودون التكليف الجاد بإيجاد البدائل… لا ندافع عن سلطة القرار المهتمة بالشأن التربوي منذ الإستقلال ،لا ندافع عن موظفي القطاع …لا….ولكن الأمر يستحق التأني في تحليل المعطيات وتفكيكها حتى لا نقع في فخ كابس بالمعالجة الإرتجالية. وبهذا يمكن أن نتجاوز كل ما ورد بالنقل والتناقل عن نكوص المنظومة التعليمية ومراتبها العالمية ، ونتحدى كل المثبطات الكيدية المبيتة النية….، وكل ما يلحق بها من أخبار بعد كلمة قيل…
فإذا كنت أحمل الرؤية النقابية فمن حقي تقويم المنظومة برمتها من جانب العوائد المادية والمطالب الإجتماعية لرجال التعليم بمستجداتها المتلاحقة ، ثم أتوسط الأمر وأحلل المنظومة من الداخل من حيث مبدأ العدالة المنصفة للمطالب والحقوق المحصنة لظروف الاشتغال بالفصل الدراسي ، والواجبات المستحقة للمتعلم كأمانة دينية في أعناقنا وعمل مقابل الأجر يحتم المحاسبة الانتاجية والمساءلة السلطوية … لا ننجرف ضمن الضغط الحياتي والكفاف المادي المعلن عنه من طرف العاملين بالقطاع ونلصق بالنقابات اشتغالها على ما هو خبزي وعائد مادي . ولكن لنستوف كل ذي حق حقه ، فالمركزيات النقابية قد عملت على تحيين غير ما مرة تحليلها لوضعية القطاع التعليمي بالدراسة ، ولها مصفوفة قائمة الذات للمعيقات والإكراهات الضاغطة على المنظومة التربوية ، فضلا عن بدائل مقترحة وحلول موطنة لها ، لكن تنزيل الاصلاح لا يبرح مظلة السلطة التنفيذيةالوصية على القطاع كإسقاط دائم وعمودي لكل القرارات المركزية .
إن البحث عن أسباب التسرب المدرسي و كسوف نجم التعليم بالمغرب باحتلاله الصفوف الأولى ما بعد المراتب الأخيرة ، له السؤال الذي نبحث عنه منذ زمن بعيد بقنديل زيت ولم نجد له جوابا شافيا و مقنعا لنا جميعا …
أقعدنا الدنيا بالمناظرات والمنتديات الاصلاحية ، وأنتجنا حلولا معيارية تفوق تطلعاتنا وإمكاناتنا الوطنية بجيل ، ثم عكفنا على إصلاح المنظومة ضمن لجنة إنشاء الميثاق الوطني بولادة سليمة لميثاق وطني للتربية والتكوين ، لكن تصريف دعاماته على أرض واقع المؤسسات المدرسية المغربية تم تنكيس العمل بها لقلة حيلتنا المادية والإصلاحية .وقبل متم العشرية تكفل الجميع بوضعه ضمن أرشيف الوزارة الوصية والاستنجاد بالبرنامج الإستعجالي … ، وبعد أن استوفينا رصيدنا اليتيم المعبأ بالتضاعف الكاذب ،عرجنا على مكاتب الخبرة الدولية والوطنية بكل أريحية إنفاقية ، وتم تشكيل الوصفة الطبية التقنية بمولود الأنابيب - “بيداغوجيا الادماج / الدعم بأشكاله / الروائز / تقويم المستلزمات الدراسية …” – كل الوصفات المقترحة لم تحد من تشعب المرض الفيروسي المنتشر بحكم الأقدمية بجسم المنظومة التربوية ولم تنل منه المضادات الحيوية المقترحة كبدائل ، بل الداء استمر بالانتقال المتواصل مما دفع بنا الى اعتماد مسكنات لحظية.
ان البحث عن أسباب التسرب المدرسي تم ضبطه وحصره ،لكن الأمر الذي أشكل علينا جميعا هو في كيفية تصريف و تنزيل الحلول و البدائل بشكل جدري يقطع الجزء المسرطن من المنظومة التعليمية ويحررها من الداء الذي عمر فيها لأكثر ما يزيد عن نصف قرن…
إن عدمية الإنخراط بوطنية تامة في تنزيل الإصلاح له الصخر الذي يكسر موجة الإصلاح الهيكلية أمام أعيننا جميعا…. نتفق كلنا أن هناك خلل ما ، خلل في الأسرة كرافد مغذي للمؤسسة التعليمية بأميتها وهشاشتها وانشغالاتها اليومية . خلل في البنية المادية للمؤسسات المدرسية غير القادرة على سلخ جلدها التقليدي والتجديد ببساطته الأولية . خلل في البنية البشرية بسلبية تكتنفها تجاه كل مستجد ، وعدم انخراطها التام لامتلاك حسنة سنة الاصلاح . خلل في الإدارة المحنطة بعقد – بضم الحرف الثاني – القانون وتدبيرها الورقي اليومي… ، خلل في المجتمع المدني المنتظم ضمن تعداد الأخطاء ونشر غسيلها إعلاميا…. مجتمع مدني يكثر من التنظير المعياري وفي الفعل يقف عند ” اذهب انت وربك فقاتلا …” إلا ما ندر من بعض الفعاليات المصاحبة والدافعة الى خلق مردودية مدرسية ولو بحدها الادنى
. لكن الامر الذي نعتقد تجاوزه بالفهم والنقاش هو عدم وضع الدولة كمسجب نعلق عليها أزمة المنظومة التعليمية كليا . لا أظن البتة بأن الأمر يعني الدولة فقط بل نتقاسم الإخفاق بنسب متفاوتة في العمق والإتساع بينا جميعا كمجتمع مباشر حاضن للمؤسسات المدرسية العمومية .
أعود بقولي الى المجلس الأعلى للتربية والتكوين وطبخة تركيبة مكوناته ،فالصدق التام الذي ينبغي الأخذ به كاقتراح شعبي هو مطلبنا بأن يكون منتخبا من طرف كل مكونات المنظومة التعليمية بشموليتها ، لا هبة ممنوحة للرعية التعليمية بالتنزيل العمودي ، لما القول بالإنتخاب التكليفي ، لا بالتعيين التشريفي ؟ لأن الدفع الذي سلكناه ” الإنتخاب ” يكون موقعا بالمساءلة والمحاسبة والتتبع والتقويم النقدي … وها هي المسؤولية تلبسنا بالتمام والكمال تجاه أجيال مغيبة الرأي في حاضرها ، ونحن من يفكر في وضعيتها المستقبلية …. فإخفاقها هو رمز لإخفاقنا التخطيطي…
فإذا كان من بين اختصاصات “المجلس الأعلى للتربية والتكوين ” وضع ملمح القيم للمنظومة التعليمية و توصيف شمولية التصورات الممعيرة بمؤشرات مضبوطة للمنتوج التعليمي المستقبلي ….فليكن دوره كذلك المراقبة العمودية لمداخل ومخارج المنظومة ، و له اليد العليا في مساءلة السلطة الوزارية الوصية على القطاع وتقويم مسار عملها بالتتبع اللصيق والنقد الصريح …
إن إنقاذ ما يمكن إنقاذه له عملية تجميل و ترميم سعينا الى ممارستها على واجهة مؤسساتنا المدرسية بتلوينات اقتنيناها من عطار مبتدأ…أو بألوان جيل مدرسة النجاح مؤخرا . أدعو الى وقفة ليست تأملية ولكن وقفة تعالج الأمر بجذرية نفعية ، تحد من تدفق السياسي/ المذهبي الخلافي الى المنظومة…وقفة تستلهم من قيمنا الأصيلة ، من تاريخنا المغربي، من الثقافة العالمية بكونيها كل ما هو ايجابي لتحقيق قفزة ان لم نقل وثبة في حدودها الأولية وبتطلعات أكثر واقعية نحو بناء مغرب المواطنة والكرامة العادلة .

Aucun commentaire

Fourni par Blogger.