Header Ads

السلوك المدني والمساهمة في التنشئة الاجتماعية السليمة

السلوك المدني والمساهمة في التنشئة الاجتماعية السليمة

 

إن البشرية في كل الحقب و الأزمان، تعيش على شكل مجتمعات، قبائل و عشائر إلى أن عرف العالم تغيرا اجتماعيا " حركة التمدن "، فصار بحاجة إلى أعراف و قوانين، تنظم العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع، والسلوك المدني تربية و تعليم، وترسيخ للقيم المجتمعية و تهذيب وتأديب وطبع النفس البشرية على الفضيلة و الأخلاق الحسنة ، وتنمية حس المسؤولية .


إن السلوك المدني في دلالاته العميقة ، يحيلنا على مجموعة من المفاهيم والمعاني المرتبطة ، بالمجتمع و حركيته في إطار التطور الذي تعرفه البشرية من خلال حركية التمدن ، هذه الأخيرة التي تحتاج إلى تنمية الحس المدني و التربية على المواطنة ، باحترام حقوق الإنسان والسعي وراء الفضائل الضرورية بالسلوكيات الفردية والمجتمعية وزرع و ترسيخ القيم الإنسانية الكونية ، واحترام حقوق الإنسان في علاقة الفرد بمحيطه " بالدولة أو المجتمع" ، بالإضافة إلى الإسهام في تنشئة مواطن صالح يتمتع بالحس الوطني والانضباط و الإخلاص.


فالدلالات الواسعة للسلوك المدني، والتي تحيلنا على حقول واسعة  من القيم و الأخلاق و قواعد السلوك وأنماط التربية، والتي تجعل من تحديده على الصعيد الممارسة صعبا وغير يسير.


ويمكن تشخيص هذه الدلالات و المفاهيم وتلخيصها في : ترسيخ مبادئ وقيم المجتمع و انفتاحه على القيم الكونية ، معرفة المؤسسات و القوانين والمعايير الوطنية والالتزام بقواعدها ، فهم قواعد الحياة المجتمعية بمعناها الواسع ، واكتساب حس المسؤولية الفردية والجماعية ، الوعي بالحرية في التفكير والتعبير وفي ممارسة الحياة العامة والخاصة مع احترام حرية الآخرين ، إعمال الفكر النقدي والدفاع عن الرأي ، مؤسسة بذلك قاعدة قبول الآخر و الاختلاف معه في الرأي .


يعد السلوك المدني من الضرورات الأساسية  في المجتمع،  انطلاقا من الأثر الكبير الذي يخلفه، من خلال معالجة الكثير من الظواهر بالإضافة إلى اكتساب مبادئ احترام الفرد لمقومات وثوابت مجتمعه ووطنه وهويته وأرضه وبيئته، و إدراكه لوجوده كعضو داخل جماعة (الجماعة بمفهومها الواسع الحديث التي تبدأ بالأسرة وتنتهي بالمجتمع الإنساني) ، استحضار الوازع الأخلاقي، الالتزام بالواجبات واحترام الحقوق ،اعتماد مبادئ العدالة والديمقراطية والإنتاجية والتضامن اجتماعيا وسياسيا وتربويا، ممارسة الحرية في إطار المسؤولية، احترام الأفراد والجماعة لمبادئ وقيم حقوق الإنسان، المشاركة في الحياة العامة، والاهتمام بالشأن العام.


و تتجلى تنمية السلوك المدني في "إكساب أفراد المجتمع بطريقة عملية وفعالة مبادئ السلوك الاجتماعي في البيت والمدرسة والشارع والأماكن العامة وعند ممارسة المهنة، وكذلك مبادئ احترام الغير وتقبل رأيه ومساعدته والتضامن معه وتجنب إلحاق الضرر به، وذلك بخلق ضمير اجتماعي لدى كل مواطن يستند إلى قيم التعاون والعدالة والديمقراطية وحب الوطن والغيرة عليه وتوظيف كل الطاقات لبنائه ورفعته لأداء رسالته الحضارية كجزء من الحضارة الإنسانية.


حين يتعلق الأمر بتنميةٍ السلوك المدني، فإن ذلك يحيل مباشرة إلى مسألتين أساسيتين، كون هذا السلوك مكتسب عن طريق التنشئة المجتمعية، وكونه حاضر بتجلياته ومظاهرهفي العلاقات بين الأفراد ، وبينهم وبين المؤسسات " مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع"، كونه كسلوك فردي واجتماعي غير مطلق وغير ثابت بل هو قابل للتطور، ومن ثم لا بد من تنميته وفتح آفاق استثماره لترسيخ التمدن وقواعد المدنية داخلالمجتمع، وإن الحركية بين المكتسب وبين تنميته وترسيخه، تندرج مباشرة في مجال التربية باعتبارها تنشئة اجتماعية، وتحيل إلى مؤسسات التربية وأدوارها الأساسية والمركزية.


لقد استطاعت مبادئ السلوك المدني  في المجتمعات المتقدمة ، تكوين مجتمع مسؤول قائم بذاته مساهم في تطوير وعصرنة وطنه، فالسلوك المدني أخلاق مكتسبة وثقافة وطنية يجب تلقينها للأجيال بإدراجها ضمن المقررات الدراسية ، وأيضا من خلال  الممارسة الميدانية لجمعيات المجتمع المدني.

Aucun commentaire

Fourni par Blogger.